اشتهر الرومان بقدرتهم على الجمع بين
الجمال العملي والبساطة في فن العمارة، وكانت مساكنهم تعكس هذه القدرة بوضوح، حيث
صممت البيوت لتوفر الراحة والخصوصية، ولتتماشى في الوقت ذاته مع البيئة المناخية
ومتطلبات الحياة الاجتماعية، ففي المدن كانت المساكن أكثر تنظيماً وتعقيداً، بينما
في القرى غلب عليها الطابع الريفي البسيط القائم على الزراعة والعمل اليدوي.
أنواع المساكن في المدن
بحسب هاردي ( 2014 ) في المدن الرومانية الكبيرة مثل روما وبومبي،
كانت هناك ثلاثة أنواع رئيسية من المساكن: الدوموس والإنسولا والفيلات.
1 - الدوموس: كانت
منازل الأغنياء والنبلاء، وغالباً ما تتوسطها ساحة داخلية تعرف باسم الأتريوم
تتجمع حولها الغرف، في وسط الأتريوم يوجد حوض صغير لتجميع مياه الأمطار من فتحة
السقف، كانت هذه المنازل تزين بالفسيفساء والتماثيل والجداريات الملونة، وتعكس
رفاهية أصحابها، كما خصصت أجزاء منها لاستقبال الضيوف أو عقد الاجتماعات التجارية،
مما جعلها مركزاً للحياة الاجتماعية والسياسية.
2 - الإنسولا: وهي
مساكن الطبقة المتوسطة والفقيرة، وكانت أشبه بالمباني السكنية متعددة الطوابق، سكن
في طوابقها العليا العمال والفقراء، بينما كانت الطوابق السفلى مخصصة للتجار أو
الميسورين نسبياً، كانت هذه المساكن تفتقر أحياناً إلى شبكات المياه الجيدة أو
التهوية، مما جعلها أقل راحة وأكثر عرضة للحرائق والانهيارات.
3 - الفيلات داخل
المدن كانت منازل فخمة مملوكة لكبار التجار والسياسيين، وتبنى عادة في ضواحي
المدينة حيث الهواء أنقى والبيئة أكثر هدوءاً، احتوت الفيلات على حدائق وأحواض
مياه وغرف للاستجمام والاستقبال، ما جعلها رمزاً للترف والراحة.
المساكن في القرى والمناطق الريفية
بحسب موقع Ducksters ( 2025 ) في القرى كان شكل السكن أبسط بكثير، لكنه أكثر ارتباطاً بالطبيعة، كان
أبرزها الفيلا الريفية التي استخدمها ملاك الأراضي الأثرياء لإدارة مزارعهم. احتوت
هذه الفيلات على أماكن لتخزين المحاصيل، وغرف للعمال، وأخرى للمالكين عند زيارتهم
للمكان، كانت وظيفتها الأساسية زراعية وإنتاجية، لكنها لم تخل من اللمسات الجمالية
التي تميز العمارة الرومانية.
أما الفلاحون والعمال، فكانوا يعيشون في بيوت صغيرة من الطين أو
الحجارة المحلية، ذات أسقف مائلة مغطاة بالقش أو القرميد، هذه المنازل كانت تضم
غرفة أو غرفتين فقط، وتحتوي على موقد بسيط للتدفئة والطهي. وعلى الرغم من بساطتها،
فإنها كانت تؤمن الحد الأدنى من الحماية والراحة.
الجانب الاجتماعي والوظيفي للمنازل
لم تكن المساكن في روما مجرد مأوى، بل كانت رمزاً للمكانة الاجتماعية،
فكلما زاد ثراء الفرد زادت فخامة منزله وتعقيد تصميمه، كما لعبت المنازل دوراً
اجتماعياً مهماً، فقد استخدمت لاستقبال الضيوف وتنظيم الولائم، وأحياناً لإقامة
الطقوس الدينية الصغيرة الخاصة بالعائلة.
في المقابل مثلت المساكن البسيطة في القرى أسلوب حياة يعتمد على العمل
اليدوي والعلاقات الاجتماعية القوية، حيث كانت المنازل قريبة من بعضها وتشكل
تجمعات صغيرة متعاونة. ( قندولي ، 2016 )
وفي الختام تعكس المساكن الرومانية القديمة روح الحضارة الرومانية
التي جمعت بين التنظيم والوظيفة والجمال. من الدوموس الراقية المزينة بالرخام إلى
بيوت الفلاحين المتواضعة، كانت كل فئة من المساكن تحمل بصمتها الخاصة وتلبي حاجات
ساكنيها، لقد أبدع الرومان في جعل بيوتهم مرايا لحياتهم، فكانت المساكن بحق جزءاً
من هوية المجتمع الروماني الذي جمع بين العظمة والبساطة في آن واحد.
المراجع :
موقع Ducksters . ( 2025 ) . روما القديمة ، السكن والمنازل . تم الاسترجاع من الرابط
https://www.ducksters.com/history/ancient_rome/housing_and_homes.php
هاري ، جيمس . ( 2024 ) . البيت الروماني ، موقع
historycooperative . تم الاسترجاع من
الرابط
https://historycooperative.org/17498-2/
القندولي ، داود . ( 2016 ) . معالم من التاريخ الروماني . بيروت ،
لبنان : دار النهضة العربية للنشر والتوزيع . تم الاسترجاع من الرابط
https://platform.almanhal.com/Reader/Book/104433