في عالم اليوم المتعدد الثقافات
والمتسارع التغير، بات من الضروري فهم كيف تؤثر العوامل الثقافية في طريقة تفكير
الأفراد وسلوكهم الشرائي. ومن النماذج الهامة التي تفسر الفروقات الثقافية نموذج
هوفستيد الذي صنف الثقافات بناءً على عدة أبعاد ثقافية.
سأسلط الضوء على أحد هذه الأبعاد وهو: التوجه الزمني: طويل المدى مقابل قصير المدى.
مفهوم البعد الثقافي: التوجه طويل المدى مقابل قصير المدى
يعكس هذا البعد نظرة الثقافة إلى الزمن، وتحديداً موقفها من الماضي
والمستقبل. فالثقافات ذات التوجه طويل المدى تميل إلى التخطيط، الادخار، التغيير
التدريجي، والاستثمار في المستقبل. أما الثقافات ذات التوجه قصير المدى، فتركز على
الحاضر، وتعتز بالماضي، وتفضل النتائج الفورية على المدى الطويل، كما أنها أقل
تقبلاً للتغيير. ( بكار ، 2016 )
موقعي الثقافي: ثقافة ذات توجه قصير المدى
بما أنني أنتمي إلى ثقافة عربية، وتحديداً المجتمع السوري، وهي ثقافة
تتصف إلى حد كبير بالتوجه القصير المدى. فهناك اهتمام كبير بالماضي وتاريخه،
وتقدير للثبات والتقاليد، مع ميل عام لتجنب المخاطر أو التغييرات الجذرية، خصوصاً
في الأمور التي تتعلق بالاقتصاد الشخصي والعائلي. ويظهر ذلك بوضوح في سلوك الأفراد
الاستهلاكي، حيث يفضل الناس شراء ما هو معروف ومجرب حتى وإن لم يكن الأفضل، بدلاً
من المغامرة بتجربة منتج جديد.
ومثال على ذلك :
موقف المستهلك تجاه شركة سامسونغ ففي ضوء هذا التوجه الثقافي، يمكن
ملاحظة أن المستهلك في ثقافتي يميل إلى التعامل مع شركات وعلامات تجارية أثبتت
وجودها في السوق لفترة طويلة. فعلى سبيل المثال، نجد أن العديد من الناس يفضلون
شراء هواتف سامسونغ حتى لو ظهرت شركات جديدة تقدم تقنيات أكثر تطوراً أو أسعاراً
أقل. هذا التفضيل لا يعتمد فقط على الجودة، بل على الشعور بالثقة والأمان نتيجة
التاريخ المعروف للعلامة التجارية، وهو سلوك يعكس ارتباطاً بالماضي أكثر من اهتمام
بالمستقبل أو التغيير.
ومن جهة أخرى، فإن هذا التوجه يجعل من الصعب على الشركات الناشئة أو
المبتكرة أن تكسب ثقة المستهلك بسرعة، حتى لو كانت تقدم قيمة حقيقية أعلى. الأمر
يتطلب سنوات من التواجد والاستمرارية في السوق ليبدأ المستهلك في تبني منتجاتها،
ما يؤكد تأثير البعد الثقافي على سلوك الشراء.
وفي الختام و من خلال فهمنا لأبعاد هوفستيد، نستطيع إدراك كيف أن
التوجه الزمني سواء كان طويلاً أم قصيراً يؤثر بشكل مباشر على توجهات المستهلكين
نحو المنتجات والعلامات التجارية. وفي ثقافتي، فإن التوجه القصير المدى يجعل من
الماضي قاعدة لاتخاذ القرارات، ويمنح الشركات العريقة ميزة تنافسية في السوق، في
حين يشكل تحدياً أمام الشركات الجديدة. لذا فإن على المسوقين فهم هذه الخلفية
الثقافية إذا أرادوا النجاح في الوصول إلى قلوب وعقول المستهلكين.
الخلاصة:
في عالم متعدد
الثقافات وسريع التغير، يؤثر البعد الثقافي بشكل كبير على سلوك المستهلك، خاصة
فيما يتعلق بالتوجه الزمني الطويل أو القصير. وفقاً لنموذج هوفستيد، الثقافات ذات
التوجه طويل المدى تركز على التخطيط والاستثمار في المستقبل، بينما الثقافات ذات
التوجه قصير المدى تعتز بالماضي وتفضل النتائج الفورية. ينتمي الكاتب إلى ثقافة
عربية (السورية) تتسم بالتوجه القصير المدى، حيث يفضل المستهلكون شراء منتجات
وعلامات تجارية معروفة وموثوقة مثل سامسونغ، حتى لو كانت هناك خيارات أحدث أو أقل
تكلفة. هذا يضع تحدياً أمام الشركات الجديدة التي تحتاج إلى وقت طويل لكسب ثقة
السوق. لذلك، من الضروري للمسوقين فهم هذا البعد الثقافي لتحقيق النجاح في جذب
المستهلكين.
Summary:
In today's multicultural and fast-changing world, cultural
dimensions greatly influence consumer behavior, especially regarding long-term
versus short-term orientation. According to Hofstede’s model, long-term
oriented cultures focus on planning and investing in the future, while
short-term oriented cultures value the past and prefer immediate results. The
author identifies with an Arab (Syrian) culture characterized by short-term
orientation, where consumers favor well-established and trusted brands like Samsung,
even when newer or cheaper options exist. This presents challenges for new
companies, which require a longer time to gain market trust. Therefore,
marketers must understand this cultural dimension to succeed in attracting
consumers.
المراجع :
بكاي ، عبد المجيد . ( 2016 ) . التنوع الثقافي وعلاقته بالقيم
التنظيمية داخل المنظمات متعددة الجنسيات . الجزائر : جامعة باجي مختار – عنابة .
تم الاسترجاع من الرابط