تحليل نموذج ستوديو 54 من منظور ثقافة الإدارة والقيادة
إن
الهدف الرئيسي من التوظيف هو توفير موظفين يمتلكون المؤهلات المناسبة للوصول الى
الهدف المنشود للمؤسسة ، حيث يتم توظيف الافراد الأكثر كفاءة وتشجيهم لتحقيق هذه
الأهداف . ( جودة ، 2010 )
ومن
هذا المنطبق يمكننا تحليل نموذج استديو 54
“ستوديو 54” كان أكثر من مجرد نادٍ
ليلي؛ لقد تحول إلى ظاهرة ثقافية بفضل أسلوب الإدارة الفريد الذي تبنته “كارمن
داليسيو”. من خلال دراسة حالة هذا المشروع، يمكننا تحليل عدة جوانب إدارية، مثل
ثقافة احترام الموظفين، واستراتيجية جذب الزبائن، بالإضافة إلى مفهومي القيادة
التحويلية والمعاملاتية.
ثقافة الإدارة واحترام الموظفين
اعتمدت داليسيو على توظيف شباب يتمتعون
بجسم رياضي وهيئة جذابة، وطلبت منهم العمل
بلا قمصان لإضفاء طابع جريء وجذاب على المكان .
من منظور الثقافة الإدارية يثير هذا الاسلوب
تساؤلات حول مدى احترام حقوق الموظفين في بيئات العمل المحترفة ، و يفترض أن يتم
تقييم الموظفين بناءً على مهاراتهم وليس على مظهرهم ، ولكن في ستوديو 54 تم اختيار
الموظفين وفقا لمعايير جمالية تتعلق بجذب الزبائن، مما قد يعد استغلالاً لهم أكثر
من كونه احتراماً لهم . ( جودة
، 2010 )
ومع ذلك قد يرى البعض أن هذا جزء من
طبيعة العمل الترفيهي ، حيث يكون المظهر جزءاً من الاستراتيجية التسويقية لكن يبقى
السؤال: هل تم تعويض هؤلاء الموظفين بشكل عادل؟ وهل كانوا يعملون بناءً على
اختيارهم الشخصي دون ضغوط ؟
سياسة ستوديو 54 تجاه زبائنه
من الواضح أن ستوديو 54 اعتمد على خلق
تجربة فريدة ومختلفة لجذب الزبائن ، باستخدام أساليب ترفيه مبتكرة مثل عروض السيرك
والراقصات والحفلات الفاخرة بحضور المشاهير. لم يكن الأمر مجرد ملهى ليلي عادي، بل
كان يمثل بيئة ساحرة تجعل الزبائن يشعرون وكأنهم في عالم آخر. ( العربية ، 2017 )
وبرأيي فإن ما يتعلق بسلب أموال الزبائن فالأمر
يعتمد على منظور الشخص نفسه فالزبائن كانوا يدفعون مبالغ مقابل الدخول والاستمتاع
بالأجواء الفاخرة ، ولكنهم لم يجبروا على ذلك ، بل كانوا راغبين في دفع هذه
المبالغ مقابل التجربة الفريدة .
إذن يمكننا القول إن المشروع لم يكن
قائما على الاحتيال ، بل على بيع تجربة استثنائية بأسعار مرتفعة لمن يبحث عنها .
تحول القيادة وقيادة المعاملات
مفهوم القيادة التحويلية يقوم على تحفيز الأفراد وإلهامهم لإحداث تغيير إيجابي في المؤسسة ، بينما قيادة المعاملات تعتمد على نظام المكافآت والعقوبات لضمان الأداء المطلوب .
لجأت داليسيو الى أسلوب القيادة
التحويلية ، حيث لم تكتفِ بإدارة المكان فحسب بل أحدثت تغييراً جذرياً في مفهوم
الملاهي الليلية وخلقت بيئة جديدة تماماً عن أي مكان آخر فلم يكن نجاح ستوديو 54
مجرد صدفة ، بل كان نتيجة لرؤية واضحة وقيادة قادرة على التأثير على الآخرين
وإقناعهم بالمشاركة في هذه التجربة الفريدة .
تبني شخصية قيادية في إدارة المشاريع
الشخصية القيادية ليست مجرد لقب ، بل
هي القدرة على توجيه الآخرين نحو هدف مشترك بطريقة تجعلهم يؤمنون بالفكرة. (
العامري و الغالبي ، 2008 )
صحيح أن داليسيو لم تكن تمتلك ستوديو
54، لكنها كانت القوة الدافعة وراء نجاحه ، مما يثبت أن القيادة ليست بالضرورة
مرتبطة بالملكية ، بل بالرؤية والقدرة على التنفيذ ، يمكن تطبيق هذا المفهوم في
حياتنا اليومية ، فمثلًا عند التخطيط للخروج مع الأصدقاء في نهاية الأسبوع ، قد
يتبنى أحدهم دور القائد عن طريق اقتراح مكان ، والتأكد من راحة الجميع ، وتنظيم
الأنشطة لجعل اليوم ممتع . هذا مثال بسيط على كيف يمكن للقيادة أن تظهر في أي
سياق، وليس فقط في مجال الأعمال .
وفي الختام من خلال تحليل نموذج ستوديو
54 ، نرى كيف يمكن للإدارة الإبداعية أن تحول مشروعاً عادياً إلى علامة تجارية
شهيرة و لكن في الوقت نفسه تطرح هذه الحالة تساؤلات حول أخلاقيات التوظيف وتأثير
استراتيجيات الجذب على ثقافة العمل كما توضح أن القيادة الحقيقية ليست مجرد تحكم
في القرارات ، بل هي القدرة على خلق رؤية مقنعة وتحفيز الآخرين لتحقيقها .
المراجع :
العامري ، صالح و الغالبي ، طاهر . (
2008 ) . الإدارة والاعمال . عمان ، الأردن : دار وائل للنشر والتوزيع
جودة ، محفوظ . ( 2010 ) . إدارة
الموارد البشرية . عمان ، الأردن : دار وائل للنشر والتوزيع
موقع العربية نت . ( 2017 ) . هل يختصر
هذا المكان جنون وانحلال السبعينات باسرها . تم الاسترجاع من الرابط
https://arabic.cnn.com/style/2017/10/10/studio-54-ian-schrager