ظهرت لعبة اليانصيب الى العصور الوسطى
و هي لعبة حظ حيث تعتمد على الاختيار العشوائي لتحديد الفائزين الذين يحصلون على
الجائزة ، وتكون الجوائز إما مبالغ مالية أو سلع وخدمات ، حيث يتم الاشتراك بدفع
مبالغ بسيطة من قبل المشتركين للحصول على فرصة للفوز بالجائزة الكبرى . ( موقع
مجرة ، د ت )
" الأموال التي تحصل بطرق الميسر
وهو القمار وهو المسمى اليانصيب عن طريق الحظ ونحو ذلك، هذه الأموال تؤخذ بغير
الطريق الشرعي فلا تحل " ( موقع ابن باز ، د ت )
كيف تمثل لعبة "اليانصيب"
نموذجاً عن وحش النفعية؟
تعتبر لعبة اليانصيب نموذجًا واضحًا
لما يمكن تسميته بـ “وحش النفعية”، حيث تقوم فكرتها على تحقيق منفعة مالية كبيرة
لفائز واحد على حساب عدد كبير من المشاركين الذين يخسرون أموالهم دون أي ضمانات.
من منظور فلسفة النفعية، التي تقوم على تحقيق أكبر قدر من السعادة لأكبر عدد من
الناس، تبدو هذه اللعبة في ظاهرها وسيلة لتوزيع الثروة وإضفاء المتعة، ولكن عند
التعمق في تحليلها نجد أنها قد تتسبب في أضرار أخلاقية واجتماعية، خاصة إذا نظرنا
إلى طريقة توزيع المكاسب والخسائر.
ومن وجهة نظري فعند تحليل اليانصيب نرى
ان اليانصيب وإن كانت تعطي بعد الساعدة للمشاركين ، إلا أنها تسبب مشاكل نفسية
كبيرة لهم ايضاُ ، فمن جهة أنهم يدمنون الشعور بالحماس و التشويق و هذا ما يؤدي
الى الاشتراك باليانصيب بشكل دائم ، ومن جهة أخرى فإن توزيع الأموال بشكل غير عادي
يؤدي الى الشعور بعدم العدالة و الاستياء .
أما من وجهة نظر أخلاقية أعمق، كما
أشار إليها أحمد أمين في كتابه الأخلاق ( 2017 ) ، فإن الأخلاق لا يجب أن تكون
مجرد وسيلة لتحقيق منفعة مؤقتة، بل يجب أن تستند إلى مبادئ ثابتة تضمن العدالة
والإنصاف. اليانصيب قد يبدو شكلاً من أشكال الترفيه، لكنه في جوهره قد يشجع على
الطمع، ويعزز فكرة الكسب السهل بدلاً من العمل الجاد، وهو ما يتعارض مع القيم
الأخلاقية التي تقوم على المسؤولية والسعي لكسب الرزق بطريقة عادلة.
هل يمكن اعتبار اليانصيب لعبة أخلاقية
بسبب المتعة والتشويق؟
بحسب ما ذكرته سابقاً أن لعبة اليانصيب
ليست مجرد وسيلة لكسب المال، بل هي تجربة تمنح اللاعبين شعورًا بالإثارة والمتعة،
حتى لو لم يفوزوا. ولكن من منظور أخلاقي، هل يمكن تبرير استغلال رغبة الناس في
الربح السريع مقابل تقديم تجربة قد تكون خاسرة ؟
لا يمكننا أن نعتبر المتعة اللحظية تبريراً
للخسائر المالية التي يتكبدها المشاركون، حيث أن الفعل الأخلاقي لا يحسب فقط بمدى
إمتاعه، بل أيضا بمدى تأثيره السلبي على حياة الأفراد. ، فإن القيم الأخلاقية يجب
أن تكون مبنية على تحقيق الخير الحقيقي للفرد والمجتمع، وليس على الوهم والإغراء
المؤقت.
إعادة توزيع الأموال بين الفقراء
والأغنياء: إشكالية نفعية
من النقاط المهمة التي أثارتها “ليندسي
بيرشتاين” هي أن اليانصيب قد يؤدي إلى إعادة توزيع الأموال بطريقة غير عادلة، حيث
يشارك فيه الفقراء والأغنياء على حد سواء، لكن فرص الفوز ليست مبنية على الحاجة أو
الاستحقاق، بل على الحظ العشوائي. وبالتالي، قد تنتهي الأموال التي دفعها فقراء
كثر في جيب شخص غني أصلاً، مما يجعل اللعبة أداة لتعزيز الفجوة الاقتصادية بدلاً
من تحقيق العدالة الاجتماعية.
النفعية الحقيقية، إذا كانت تهدف إلى
تحقيق أكبر منفعة ممكنة، ينبغي أن تأخذ في الاعتبار هذه الإشكالية. فلا يمكن
اعتبار لعبة تؤدي إلى استنزاف أموال الطبقات الأقل دخلاً وسيلة عادلة لتحقيق
السعادة، حتى لو كان هناك رابح واحد محظوظ. وهذا يوضح أحد التحديات التي تواجه
مذهب النفعية، وهو أنه إذا تم تطبيقه بشكل غير متوازن، فقد يؤدي إلى نتائج غير
أخلاقية، حتى لو بدا ظاهريًا أنه يحقق السعادة للبعض.
وفي الختام بناءً على التحليل السابق،
يمكن القول إن لعبة اليانصيب، رغم كونها وسيلة للترفيه وتحقيق المكاسب لبعض
الأفراد، إلا أنها تطرح العديد من الإشكاليات الأخلاقية التي تجعلها غير مقبولة من
منظور النفعية العادلة. فهي تستغل حاجات الناس وأحلامهم، وتعيد توزيع الأموال بطريقة
غير متوازنة، وتؤدي إلى تعزيز قيم الكسب السهل بدلاً من العمل الجاد، وبالتالي،
فإن تقييم اليانصيب من منظور أخلاقي يتطلب مراعاة تأثيره على المجتمع ككل، وليس
فقط على الفائزين. وكما أشار أحمد أمين في الأخلاق، فإن الفعل الأخلاقي هو ما يحقق
الخير العام دون أن يتسبب في ضرر غير مبرر. ومن هذا المنطلق، فإن لعبة اليانصيب لا
تبدو متوافقة مع المبادئ الأخلاقية العادلة، حتى لو كانت توفر المتعة والإثارة
للبعض.
الخلاصة :
ظهرت لعبة اليانصيب في العصور الوسطى كنوع من ألعاب الحظ، حيث يتم اختيار الفائزين بشكل عشوائي للحصول على جوائز مالية أو سلع. يتطلب الاشتراك دفع مبالغ بسيطة من المشاركين. ومع ذلك، تعتبر هذه اللعبة محرمة شرعًا في الإسلام، وفقًا لفتوى ابن باز، حيث تُعتبر الأموال المكتسبة من اليانصيب غير مشروعة.
تُعتبر لعبة اليانصيب نموذجًا لـ "وحش النفعية"، حيث تحقق منفعة مالية كبيرة لفائز واحد على حساب العديد من الخاسرين. من منظور فلسفة النفعية، تبدو اللعبة وسيلة لتوزيع الثروة، لكنها في الواقع تؤدي إلى خسائر كبيرة للعديد من المشاركين.
Summary:
The lottery emerged in the Middle Ages as a type of game of chance, where winners are randomly selected to receive cash prizes or goods. Participation requires a small payment from the participants. However, this game is considered forbidden in Islam, according to the fatwa of Ibn Baz, as the money earned from the lottery is deemed unlawful.
The lottery is seen as a model of the "monster of utilitarianism," as it provides significant financial benefit to one winner at the expense of many losers. From the perspective of utilitarian philosophy, the game appears to be a means of wealth distribution, but in reality, it leads to substantial losses for many participants.
جميل الحمو / 2025
المراجع :
موقع ابن باز . ( دون تاريخ ) . حكم
اليانصيب . تم الاسترجاع من الرابط
موقع
مجرة . ( دون تاريخ ) . يانصيب . تم الاسترجاع من الرابط
أمين ،
أحمد . ( 2017 ) . الاخلاق . الجيزة ، مصر : دار الكتب المصرية . تم الاسترجاع من
الرابط
https://platform.almanhal.com/Reader/Book/101632