تعد الرشوة في المخالفات المرورية ظاهرة متفشية في بعض المجتمعات، حيث
يلجأ السائقون إلى دفع مبالغ مالية لضباط الشرطة لتجنب تسجيل المخالفات و تعتبر
هذه الممارسة شائعة في مدينة مكسيكو سيتي بالمكسيك ، حيث أصبحت الرشوة جزءاً من
الثقافة المحلية .
و في المقابل تتبع المملكة العربية السعودية نظاماً مختلفاً في
التعامل مع المخالفات المرورية .
و لفهم هذه الظاهرة من منظور النسبية الثقافية، سنناقش المفاهيم
المرتبطة بها ونقارن بين النظامين المتبعين في كل من المكسيك والمملكة العربية
السعودية .
المقصود بالنسبية الثقافية وعلاقتها بالنظريات الأخلاقية التقليدية
النسبية الثقافية هي مفهوم يشير إلى أن المعايير والقيم الأخلاقية وقد
تختلف من ثقافة إلى أخرى، وأن كل ثقافة تمتلك نظاماً أخلاقياً خاصاً بها يتناسب مع
معتقداتها وتقاليدها و بمعنى آخر ما يعتبر صائباً في ثقافة ما قد يعتبر خاطئاً في
ثقافة أخرى و تتعارض النسبية الثقافية مع النظريات الأخلاقية التقليدية التي تفترض
وجود معايير أخلاقية مطلقة تنطبق على جميع البشر بغض النظر عن خلفياتهم الثقافية ،
بينما تسعى النظريات التقليدية إلى تحديد مبادئ عامة للصواب والخطأ . ( موقع منى ،
2021 )
إجراءات دفع المخالفة المرورية في المكسيك: القيم الأخلاقية والمزايا
في مكسيكو سيتي يعتبر دفع الرشاوى لضباط المرور لتجنب تسجيل المخالفات
ممارسة شائعة و يعود ذلك جزئياً إلى انخفاض رواتب الشرطة ، مما يدفعهم إلى قبول الرشاوى
كوسيلة لتحسين دخلهم و من منظور النسبية الثقافية يمكن تفسير هذه الممارسة كتكيف
مع الظروف الاقتصادية والاجتماعية المحلية و بالنسبة لبعض المواطنين قد ينظر إلى
هذه الرشاوى كوسيلة لتسريع الإجراءات وتجنب العلميات الروتينية والتي تأخذ وقت
طويل مما يوفر الوقت والجهد ومع ذلك من الناحية الأخلاقية تعتبر هذه الممارسات
إشكالية لأنها تعزز الفساد وتضعف الثقة في المؤسسات الحكومية . ( نهى ، 2008 )
النظام المتبع في المملكة العربية السعودية لتحصيل المخالفات
المرورية: القيم والمزايا
في المملكة العربية السعودية ومن التجربة الشخصية ، يتم تحصيل
المخالفات المرورية من خلال نظام مركزي ومنظم فعند ارتكاب مخالفة ، يتم تسجيلها في
نظام المرور، ويتم إشعار السائق بالمخالفة عبر رسائل نصية أو من خلال منصة أبشر الإلكترونية و يتاح للسائقين سداد
المخالفات عبر البنوك أو المنصات الإلكترونية ، مما يضمن شفافية العملية ويقلل من
التفاعل المباشر بين السائقين وضباط المرور و هذا النظام يعزز النزاهة ويحد من فرص
الفساد، حيث تجمع الأموال مباشرة في خزينة الدولة وتستخدم في تطوير البنية التحتية
والخدمات العامة.
اما من الناحية الأخلاقية، يعتبر هذا النظام أكثر عدالة وشفافية، حيث
يعامل جميع السائقين بمساواة دون تمييز.
النسبية الثقافية كإطار للحكم الأخلاقي: مقارنة بين النظامين
مما سبق نرى الفرق بين نظام تحصيل المخالفات المرورية في المكسيك
والمملكة العربية السعودية و كيف يمكن للنسبية الثقافية أن تكون فهماً مغايراً للممارسات
الأخلاقية بين البلدين .
ففي المكسيك تعتبر الرشوة في
بعض الأحيان وسيلة للتكيف مع التحديات الاقتصادية والبيروقراطية، وقد تكون مقبولة
ثقافياً في بعض الأوساط ، بينما في المملكة العربية السعودية، يعتبر الالتزام
بالقوانين ودفع المخالفات عبر القنوات الرسمية قيمة أساسية تعززها الثقافة المحلية،
و من منظور النسبية الثقافية لا يمكن الحكم على ممارسة ما بأنها صحيحة أو خاطئة
بشكل مطلق، بل يجب فهمها في سياقها الثقافي والاجتماعي ومع ذلك قد يكون هذا
المنظور غير مقنع للبعض ، خاصة إذا كانت الممارسات المعنية تؤدي إلى تعزيز الفساد
أو الإضرار بالمجتمع في مثل هذه الحالات،
قد يكون من الضروري تبني معايير أخلاقية عالمية تعزز الشفافية والنزاهة وتحمي حقوق
الأفراد .
وفي الختام تبرز المقارنة بين المكسيك والمملكة العربية السعودية في
كيفية التعامل مع المخالفات المرورية أهمية فهم السياقات الثقافية عند تقييم
الممارسات الأخلاقية ، بينما توفر النسبية الثقافية إطاراً لفهم تنوع القيم
والسلوكيات ، إلا أنه من الضروري أيضاً مراعاة التأثيرات السلبية المحتملة لبعض
الممارسات مثل الفساد ، والعمل على تعزيز معايير تعود بالنفع على المجتمع ككل .
المراجع :
موقع معنى . ( 2021 ) . الدراسات القافية والنسبية الأخلاقية . تم
الاسترجاع من الرابط
أحمد ، نهى . (
2008 ) . المكسيك كل شيء يمشي بالرشوة . موقع إيلاف . تم الاسترجاع من الرابط
https://elaph.com/Web/Economics/2008/5/334663.htm