كثيراً ما نقرأ
القصص لنستمتع أو لنتسلى، ولكن هناك قصص قليلة تترك فينا أثراً طويلاً يمتد بعد
إغلاق الصفحة الأخيرة.
من بين تلك
القصص، برزت لي قصة انتظار التي نقلتني إلى عالم يضج بالصمت والتأمل والحنين، إن
بيئة القصة تقع في أطراف مدينة عمان، حيث تمتد الصحراء خلف المنزل، وتمر القطارات
في البعيد دون اكتراث، وكأنها شاهدة على زمن لا يعود، الزمان يبدو غير محدد بدقة،
لكنه يغلب عليه الشعور بالتوقف، وكأن الوقت نفسه ينتظر مع البطلة فاطمة. هذه
الأجواء التأملية جعلتني أعيد التفكير في يومي العادي، وفي كيف يمكن لعالمي أن
يتغير تماماً إذا وجدت نفسي أعيش في واقع هذه القصة.
تغير الرؤية
والأفكار:
في حياتي
اليومية أعيش في عالم سريع الإيقاع، يركض فيه الجميع خلف العمل والمواعيد
والتكنولوجيا. التواصل لحظي والضجيج يملأ الزمان والمكان، لكن في قصة انتظار، بيئة القصة تحتضن التناقضات. من
الخارج، قد يبدو المشهد شاعرياً، صحراء ممتدة و قطار يمر من بعيد و نخيل يتمايل،
شاي دافئ بين يدي امرأة. ولكن حين تنظر من الداخل، تجد صمتاً كثيفاً كأنه لغة
أخرى، يتحدث عن الوحدة، عن زمن مضى ولن يعود، عن وجوه غابت وقلوب تعلقت بها الروح،
فاطمة لا تنتظر أبناءها فقط، بل تنتظر لحظة دفء، صوتاً مألوفاً، شيئاً يعيد الحياة
إلى قلبها. في عالمي الواقعي، ربما كنت سأجد هذا الصمت خانقاً ولكن في عالمها،
يبدو كأنه المساحة الوحيدة التي بقيت لها لتفهم ذاتها.
الفرق في
الأفعال والتصرفات:
في عالمي الحالي
ردود أفعالي سريعة، مشاعري متقلبة وقراراتي في الغالب تندفع من زخم الحياة. أما في
عالم فاطمة، فإن الأفعال محدودة ولكنها عميقة. فحتى جلوسها في الشرفة له دلالة
شعورية كبيرة إنها تنتظر. تنتظر أبناءها، تنتظر الحياة، وربما تنتظر ذاتها، في هذا
العالم، كانت تصرفاتي اليومية ستتغير لن أصرخ عند التأخير، بل سأتعلم الصبر. لن
أمل من الانتظار، بل سأراه طقساً روحانياً. لن أُفرط في التكنولوجيا، بل سأتعلم
كيف أراقب شجرة زيتون أو نخلة تمر عليها الشمس في لحظة شروق.
مقارنة
بالشخصيات:
شخصية فاطمة في
القصة عميقة رغم بساطتها، تحمل في داخلها صراعاً غير معلن، بين الماضي والحاضر،
بين الأمومة والوحدة، بين الحياة والانتظار. بالمقارنة معها، أجد نفسي أعيش حياة
مزدحمة، مليئة بالأحداث، لكن ربما تفتقر أحياناً إلى ذلك العمق الإنساني الذي
تعيشه فاطمة في لحظاتها الصامتة. أجد أنني في عالمها سأكون أكثر اتصالاً بنفسي،
أكثر فهماً لمعنى الانتظار، وأكثر امتناناً للحظات البسيطة.
وفي الختام إن
أعيش في عالم قصة انتظار لا يعني أنني سأنعزل عن الواقع، بل يعني أنني سأُبطئ
خطواتي، وأعيد ترتيب أولوياتي. سأختار أن أعيش اللحظة، أن أقدر صمت الطبيعة، أن
أستقبل الانتظار دون ضيق، بل كشكل من أشكال الحب. هذه القصة لم تكن فقط سرداً
أدبياً، بل كانت مرآة جعلتني أرى وجهي الآخر ذلك الوجه الذي نسيه زحام الحياة،
وذكرته قصة من صمت وشاي ونخيل.
الخلاصة :
المقالة تسلط الضوء
على أثر قصة "انتظار" في إعادة تشكيل
نظرة القارئ إلى الحياة.
الكاتب
يبين أن القصة تقدّم عالماً بطيئ الإيقاع، مليئاً بالصمت والحنين، حيث تصبح تفاصيل
بسيطة مثل جلوس فاطمة في الشرفة أو مرور قطار في البعيد رمزاً للانتظار والصبر.
من
خلال المقارنة بين عالمه الواقعي المليء بالسرعة والتكنولوجيا وبين عالم فاطمة
المليء بالصمت العميق، يكتشف أن الانتظار ليس ضعفاً بل طقساً روحانياً يحمل معنى
الحب والوفاء.
شخصية
فاطمة تمثل صراعاً بين الماضي والحاضر، بين الأمومة والوحدة، مما جعل الكاتب يعيد
التفكير في أولوياته ويستشعر قيمة اللحظات البسيطة.
في
النهاية، القصة كانت بمثابة مرآة كشفت له وجهه الآخر الذي غيّبته ضوضاء الحياة.
Summary:
The article reflects on how the story “Waiting”
reshaped the reader’s perspective on life.
It portrays a slow-paced world filled with silence and longing, where simple
acts—like Fatima sitting on the balcony or a distant train passing by—become
symbols of patience and resilience.
By contrasting his fast, technology-driven reality with Fatima’s quiet,
contemplative life, the writer realizes that waiting is not weakness but a
spiritual practice that embodies love and devotion.
Fatima’s character, caught between motherhood and loneliness, past and present,
inspires deeper appreciation of life’s simple moments.
Ultimately, the story serves as a mirror, revealing a hidden side of the self
often lost amid life’s noise.
المراجع :
أبو سعدة ، حسام . ( 2018 ) . قصة انتظار . تم
الاسترجاع من الرابط