لطالما كان فهم الفروقات الثقافية أحد أبرز التحديات أمام المسوقين
الدوليين والباحثين في مجال سلوك المستهلك. ومن أهم الإسهامات في هذا المجال نموذج
هوفستيد الذي قدم خمسة أبعاد ثقافية ساعدت في تفسير سلوك الأفراد عبر المجتمعات.
غير أن الواقع الثقافي دائم التغير والتوسع، مما يفتح الباب أمام اقتراح أبعاد
جديدة أكثر ارتباطاً بالتطورات الاجتماعية والنفسية الحديثة.
سوف أقوم باستعراض أبعاد هوفستيد، ثم أقترح بعداً جديداً أراه حاضراً
بقوة في المجتمعات الحديثة، وأعرض تأثيره على المستهلك من خلال أمثلة واقعية.
أبعاد هوفستيد الخمسة بحسب بكاي ( 2016 )
1 - الفردية مقابل الجماعية: يعكس مدى اعتماد
الأفراد على أنفسهم مقابل اعتمادهم على الجماعة.
2 - مسافة السلطة: تقيس مدى قبول أفراد
المجتمع للفجوة في توزيع السلطة.
3 - تجنب عدم التأكد: يعبر عن استعداد
المجتمع للتعامل مع الغموض والمجهول.
4 - الذكورية مقابل الأنوثية: تصف ميل
الثقافة نحو الإنجاز والمنافسة أو نحو التراحم والعلاقات.
5 - التوجه الزمني (طويل المدى مقابل قصير
المدى): يعكس النظرة إلى المستقبل مقابل التعلق بالحاضر أو الماضي.
البعد المقترح: بعد الشفافية مقابل السرية ( الخصوصية )
في ظل التحولات الرقمية الهائلة، برز بعد ثقافي جديد لم يعط حقه من
التحليل، وهو بعد الشفافية مقابل السرية. هذا البعد يقيس مدى استعداد الأفراد
والمجتمعات للكشف عن معلوماتهم الشخصية ومشاركتها علناً، مقابل ميلهم للانغلاق
وحماية الخصوصية.
شرح البعد
في طرف الشفافية، نجد ثقافات تشجع على مشاركة الآراء، الصور،
والبيانات الشخصية عبر الإنترنت، كما في الولايات المتحدة أو دول الشمال الأوروبي.
في هذه الثقافات، يعتبر الإفصاح علامة على الثقة والانفتاح، وتفضل الشركات التي
تعتمد على بيانات المستخدم لتخصيص الخدمات.
أما في طرف السرية، فتوجد مجتمعات تتجنب الكشف عن معلوماتها الشخصية،
مثل اليابان، أو بعض الدول العربية، حيث ينظر لمشاركة التفاصيل الخاصة على
الإنترنت كتهديد للهوية أو احترام الذات. في هذه الثقافات، يحظى الأمان الرقمي
والأدوات التي تحفظ الخصوصية بتقدير عالٍ.
أمثلة على البعد
شركة مثل Facebook قد تتناسب أكثر مع ثقافات الشفافية، حيث يقبل المستخدمون مشاركة
حياتهم بشكل علني، ما يسهل على المنصة جمع البيانات واستهداف الإعلانات بدقة.
بالمقابل، فإن تطبيقات مثل واتس أب للرسائل المشفرة، تجد سوقا أكبر في ثقافات
الخصوصية، حيث يقدر المستخدمون أدوات الحماية الرقمية ويرفضون تتبع نشاطهم.
تأثير البعد على المنتجات
هذا البعد يمكن أن يكون حاسماً في نجاح منتج معين. فمثلاً، خدمة خرائط
Google التي تطلب بيانات الموقع
في الوقت الحقيقي قد تقابل بقبول كبير في كندا، بينما قد تواجه مقاومة في ألمانيا،
التي تشتهر بحساسيتها تجاه الخصوصية. لذا فإن فهم هذا البعد مهم جداً عند تقديم
المنتجات الرقمية عالمياً.
وفي الختام وبالرغم من أهمية نموذج هوفستيد، إلا أن الثقافات تتغير
وتتعقد، مما يدعو لإعادة التفكير في الأبعاد الثقافية الحالية واقتراح أبعاد جديدة
تعكس العصر الرقمي. وبعد الشفافية مقابل السرية يعكس تحدياً جديداً في عالم تتداخل
فيه الخصوصية مع التقنية، ويبرز ضرورة فهم هذا البعد عند تسويق الخدمات الرقمية أو
التعامل مع بيانات العملاء. فهمنا لهذا البعد يتيح لنا تقديم حلول تحترم السياق
الثقافي، وتحقق نجاحاً مستداماً في السوق العالمي.
يستعرض النص
نموذج هوفستيد الذي يحدد خمسة أبعاد ثقافية تؤثر على سلوك الأفراد: الفردية مقابل
الجماعية، مسافة السلطة، تجنب عدم التأكد، الذكورية مقابل الأنوثة، والتوجه الزمني
طويل مقابل قصير المدى. كما يقترح النص بعداً ثقافياً جديداً مرتبطاً بالعصر
الرقمي هو "الشفافية مقابل السرية (الخصوصية)"، والذي يعكس مدى استعداد
المجتمعات لمشاركة معلوماتها الشخصية أو حمايتها. في ثقافات الشفافية مثل الولايات
المتحدة ودول شمال أوروبا، يُنظر إلى المشاركة على أنها علامة ثقة وانفتاح، بينما
في ثقافات السرية مثل اليابان وبعض الدول العربية، تُعتبر الخصوصية قيمة عالية.
يؤثر هذا البعد على قبول واستخدام المنتجات الرقمية، مثل منصات التواصل الاجتماعي
أو تطبيقات الرسائل المشفرة. يختم النص بالتأكيد على أهمية تحديث الأبعاد الثقافية
لتشمل التحديات الرقمية الحديثة.
Summary:
The text reviews Hofstede's cultural dimensions model, which
includes five dimensions influencing individual behavior: individualism vs.
collectivism, power distance, uncertainty avoidance, masculinity vs.
femininity, and long-term vs. short-term orientation. Additionally, it proposes
a new cultural dimension relevant to the digital age: "transparency vs.
secrecy (privacy)," reflecting societies' readiness to share or protect
personal information. In transparent cultures like the US and Northern Europe,
sharing is seen as a sign of trust and openness, whereas in secretive cultures
such as Japan and some Arab countries, privacy is highly valued. This dimension
impacts the acceptance and use of digital products, like social media platforms
or encrypted messaging apps. The text concludes by emphasizing the need to
update cultural dimensions to address modern digital challenges.
المراجع :
بكاي ، عبد المجيد . ( 2016 ) . التنوع الثقافي وعلاقته بالقيم
التنظيمية داخل المنظمات متعددة الجنسيات . الجزائر : جامعة باجي مختار – عنابة .
تم الاسترجاع من الرابط