إن قرارات الشراء لا تتشكل من فراغ، بل تنمو وتتطور نتيجة مؤثرات
متعددة تؤثر على الفرد، من أهمها نظريات التعلم. تسهم هذه النظريات في تفسير كيف
يتحول سلوك عابر إلى عادة استهلاكية ثابتة. من بين أهم هذه النظريات: نظرية التعلم
الشرطي الكلاسيكي التي طورها بافلوف، ونظرية التعلم الشرطي الإجرائي التي طورها
سكنر. وسنوضح ذلك من خلال مثالين واقعيين من حياة المستهلكين. ( عبيدات ، 2004 )
أولاً - مثال
على التعلم الشرطي الكلاسيكي
من
تجربتي الشخصية : اشرب القهوة كل صباح في طريقي إلى العمل. في البداية، لم يكن
لهذا الفعل أي ارتباط شعوري قوي، بل كنت فقط بسبب حاجتي للاستيقاظ. لكن بعد فترة،
بدأت رائحة القهوة في المقهى القريب من مقر عملي تثير شعوراً بالسعادة والراحة،
حتى في الأيام التي لا أشرب فيها القهوة.
في هذا
السياق، يمكن تحليل هذه العادة وفق مكونات التعلم الشرطي الكلاسيكي كالتالي:
- الحافز
غير المشروط: تأثير الكافيين في القهوة، الذي يمنح الجسم نشاطاً وراحة، مما
يثير شعوراً بالسعادة بشكل طبيعي.
- الاستجابة
غير المشروطة: الشعور بالراحة والسعادة بعد شرب القهوة.
- الحافز
المحايد: رائحة القهوة في بداية الأمر لم تكن مرتبطة بأي شعور.
- الحافز
المشروط: بعد تكرار التجربة، تصبح رائحة القهوة لوحدها كفيلة بإثارة نفس
الشعور بالسعادة.
- الاستجابة
المشروطة: بمجرد شم رائحة القهوة، يشعر الشخص بالراحة، حتى دون شربها.
لقد
أصبحت رائحة القهوة، بعد التكرار، محفزاً مشروطاً يثير الاستجابة ذاتها التي كان
يسببها الكافيين. وهكذا، تشكلت عادة مرتبطة بمثير بيئي بسيط لكنه فعال في التأثير
على قرار الشراء
.
ثانياً - مثال
على التعلم الشرطي الإجرائي
لنأخذ
مثالاً آخر من عالم التسوق عبر الإنترنت. تخيل مستهلكاً يستخدم تطبيقاً لطلب
الطعام. في كل مرة يطلب فيها، يمنحه التطبيق نقطة ولاء تستخدم لاحقاً للحصول على
خصومات أو وجبات مجانية. مع الوقت يزداد عدد مرات استخدامه للتطبيق بسبب هذا
النظام.
وفقاً
لنظرية التعلم الإجرائي، فإن هذا المثال يتضمن ما يلي:
•الاستجابة:
طلب الطعام من خلال التطبيق.
•نوع
التعزيز: تعزيز إيجابي، حيث يحصل على نقاط ولاء كمكافأة على سلوكه، مما يحفزه على
تكرار السلوك ذاته.
في هذا
النموذج، تتعزز العادة الاستهلاكية من خلال نتائج إيجابية يشعر بها المستهلك فوراً
أو على المدى القصير، مما يحفزه على تكرار الفعل بشكل منتظم. تشير هذه الحالة إلى
كيف يمكن للشركات أن تستغل مبادئ التعزيز لتشكيل عادات جديدة لدى المستهلكين .
وفي
الختام تظهر الأمثلة السابقة كيف أن العادات الاستهلاكية لا تنشأ مصادفة، بل تتكون
بفعل التعلم والتكرار والتعزيز، سواء من خلال الربط الشرطي الكلاسيكي أو من خلال
النتائج الإيجابية المباشرة في التعلم الإجرائي. فهم هذه العمليات يمكن أن يساعد
الشركات في تصميم استراتيجيات تسويقية أكثر فاعلية، كما يساعد المستهلك على وعي
أكبر بسلوكياته الشرائية. إن وعي المستهلك بتأثير هذه الآليات قد يدفعه إلى قرارات
أكثر اتزاناً، ويجعله أكثر قدرة على مقاومة الإعلانات الموجهة أو العادات السلبية.
الخلاصة:
يتناول النص تأثير نظريات التعلم على تشكيل عادات
الشراء لدى المستهلكين، مع التركيز على نظريتين رئيسيتين: التعلم الشرطي الكلاسيكي
والتعلم الشرطي الإجرائي. يوضح النص من خلال مثالين كيف يمكن للتحفيزات البيئية،
مثل رائحة القهوة، أو التعزيزات الإيجابية، مثل نقاط الولاء في التطبيقات، أن تحول
سلوكًا عابرًا إلى عادة مستمرة. كما يشير النص إلى أهمية فهم هذه النظريات لمساعدة
الشركات على تصميم استراتيجيات تسويقية فعالة، وتمكين المستهلكين من وعي أكبر
بسلوكياتهم الشرائية.
Summary:
The text discusses the impact of learning theories on
shaping consumer purchasing habits, focusing on two main theories: classical
conditioning and operant conditioning. Through two examples, it explains how
environmental cues, like the smell of coffee, or positive reinforcements, such
as loyalty points in apps, can turn a temporary behavior into a lasting habit.
The text also highlights the importance of understanding these theories to help
companies design effective marketing strategies and enable consumers to have
greater awareness of their buying behaviors.
المراجع :
عبيدات
، محمد . ( 2004 ) . سلوك المستهلك . عمان ، الأردن : دار وائل للنشر والتوزيع .
تم الاسترجاع من الرابط
https://platform.almanhal.com/Reader/Book/224