النسيان جزء طبيعي من حياة الإنسان، خصوصاً في عصر السرعة
والانشغالات. لكن المسوق المحترف لا يرى في النسيان عائقاً بل فرصة. فعبر فهمه
العميق لسلوك المستهلك، يوجه رسائله الإعلانية لتكون محفزاً للتذكر. فالمستهلك لا
يتخذ قراراته دائماً بناءً على حاجته الفعلية فقط، بل كثيراً ما تكون هذه القرارات
مدفوعة بإشارات تذكيرية تأتي من البيئة المحيطة به، مثل لافتة، إعلان، رائحة
مألوفة، أو حتى صورة.
بحسب عبيدات ( 2004 ) يلجئ المعلن الى اتباع عدة استراتيجيات ليستطيع
ترسيخ المنتج لدى العملاء وأذكر منها :
1 - الإعلان المتكرر للتذكير:
المسوق يستخدم أدوات متعددة ليبقى في ذهن المستهلك طوال الوقت.
على سبيل المثال، تعتمد العديد من الإعلانات على التكرار المنهجي
المدروس، حيث أن تكرار الرسائل الإعلانية يعمل كوسيلة فعالة لتعزيز الذاكرة، تماماً
كما يكرر الطالب الدروس ليتذكرها في الامتحان.
كلما رأيت إعلاناً لمشروب معين أثناء مشاهدة التلفاز، أو سمعت موسيقى
مألوفة في متجر، فإن ذلك يفعل في دماغك روابط تذكر تلقائية لما تحتاج إليه، حتى إن
لم تكن قد فكرت به قبل لحظات.
2 - تحفيز الحواس كوسيلة للتذكر:
كما أن بعض المسوقين يقومون باستخدام الحواس بشكل ذكي لتحفيز الذاكرة.
رائحة الخبز الطازج في مدخل المخبز، أو صوت غليان القهوة في إعلان مرئي، هذه ليست
مجرد تفاصيل فنية، بل استراتيجيات معتمدة لتحفيز مناطق معينة في الدماغ، تقوم
بإثارة الذكريات أو المشاعر المرتبطة بذلك المنتج، مما يزيد من احتمال تذكر شرائه.
3 - العاطفة:
الإعلانات التي تعتمد على القصص أو المواقف اليومية الشائعة (كأن ينسى
الأب شراء لعبة لطفله وتذكره الأم بذلك) لا تهدف فقط إلى إضحاكنا، بل تخلق رابطاً
وجدانياً بين المشهد والمنتج، ما يجعلنا نتذكر المنتج لاحقاً عند الوقوع في موقف
مشابه.
العاطفة من أهم محركات السلوك الاستهلاكي، لأنها تخلق تجربة وجدانية
تخزن في الذاكرة طويلة المدى.
4 - استخدام التوقيت المناسب والتكرار اليومي:
من أهم أسرار المسوق في تذكيرك بالشراء هو معرفة الوقت الذي تكون فيه
مستعداً للاستجابة.
على سبيل المثال يتم بث إعلانات الوجبات السريعة قرب أوقات الغداء،
بينما تظهر إعلانات مستلزمات الإفطار في ساعات الصباح.
هذه الاستراتيجية تبنى على فهم الساعة البيولوجية للذاكرة الشرائية،
حيث يستهدف المستهلك في الوقت الذي يكون فيه أكثر استعداداً للتأثر.
ختاماً ففي عالم مزدحم بالمعلومات والمهام، يصبح من السهل أن ننسى ما
نحتاج إليه، لكن من حسن الحظ أن المسوق الذكي يعمل خلف الكواليس، لا ليبيع لك فقط
بل ليذكرك أيضاً، فالإعلانات التي تراها في كل مكان ليست مجرد دعوات للشراء، بل
رسائل موجهة لتخاطب ذاكرتك و حواسك وعاطفتك، فتستعيد ما نسيت، وتقرر ما كنت متردداً
لشرائه وهكذا يتحول الإعلان من وسيلة ترويجية، إلى أداة فعالة لمساعدتنا على ترتيب
أولوياتنا اليومية.
النسيان جزء
طبيعي من الحياة، والمسوق الذكي يستغله كفرصة عبر توجيه رسائله الإعلانية لتكون
محفزاً للتذكر. يستخدم المسوقون استراتيجيات عدة مثل التكرار المنهجي للإعلانات،
وتحفيز الحواس (كالروائح والأصوات)، وإثارة العواطف عبر القصص اليومية، واختيار
التوقيت المناسب لعرض الإعلانات. كل هذه الطرق تعمل على تعزيز ذاكرة المستهلك
وتحفيزه لاتخاذ قرار الشراء. في النهاية، الإعلان لا يهدف فقط للبيع، بل يساعد
المستهلك على تذكر احتياجاته وتنظيم أولوياته.
Summary:
Forgetting is a natural part of life, and smart marketers use it as
an opportunity by crafting their messages to trigger memory recall. Marketers
employ various strategies such as systematic ad repetition, sensory stimulation
(like smells and sounds), emotional appeals through everyday stories, and
timing ads when consumers are most receptive. These methods strengthen consumer
memory and encourage purchase decisions. Ultimately, advertising not only aims
to sell but also helps consumers remember their needs and prioritize them.
المراجع:
عبيدات ، محمد . ( 2004 ) . سلوك المستهلك . عمان ، الأردن : دار وائل
للنشر والتوزيع . تم الاسترجاع من الرابط
https://platform.almanhal.com/Reader/Book/224