ad-cent ad-bot ad-h3-1

العولمة الثقافية و تدمير الثقافات

 

تعتبر ظاهرة العولمة الثقافية من أهم القضايا المعاصرة , التي امتد تأثيرها ليشمل قطاعات واسعة من الدول العربية ,

فإن من أخطر نتائج العولمة هو خطرها الثقافي , ففي الوقت الذي تدعو فيه العولمة الى تحرير رؤوس الأموال والسلع , ففلي الوقت نفسه تدعو الى إيجاد ثقافة واحدة للبشر ! وهذا يعتبر أخطر ما في العولمة الثقافية وهو سعيها الى الغاء التعددية الثقافية , التي هي الكنز الباقي الذي تتطور من خلاله الحضارات . (( رخامنية ، 2012 ))





فالعولمة تسعى جاهدة الى سلخ الشعوب من هوياتهم الثقافية واللغوية لصالح ثقافة مهيمنة ومسيطرة على العالم , على حساب الثقافات الأخرى
(( رخامنية ، 2012 ))

والعولمة الثقافية هي فرض ثقافة بلد على بلد آخر بعدة أساليب ومن احد تلك الأساليب هي هدم وطمس ثقافة الدول ومثال على ذلك ما قام به المغول في العراق .

حيث كانت يوجد في العراق أكبر مكتبة عرفها التاريخ في ذلك الوقت , والتي قام بتأسيسها الخليفة هارون الرشيد وقام الخلفاء العباسيين من بعده بتطويرها و ملئها بأعظم الكتب وخلاصة العلم والفكر العربي والعالمي بعد ترجمة اهم الكتب العالمية في ذلك الوقت . وهذا ما عكس التقدم الفكري العربي والإسلامي الذي اثار حقد المغول .


فبعد سقوط بغداد بيد المغول بقيادة هولاكو خان عام 1258 م لم يكتفوا بتدمير المدينة و المجازر التي قاموا بها , حيث اقدموا على حرق واتلاف دار الحكمة وهي مكتبة بغداد العالمية وذلك لهدم الثقافة العربية الإسلامية وفرض ثقافتهم الهمجية .(عبدالرحمن،2020)

وهنا نستنتج ان ما فعله المغول في العراق ما هو إلا تجسيد حقيقي للعولمة الثقافية حيث قاموا بتدمير ثقافة كاملة بهدف نشر ثقافتهم !ا

ومع مرور الزمن اندثر الأسلوب الهمجي للعولمة الثقافية وتم استبدال ذلك بأسلوب الترغيب والاقناع لنشر الثقافات ،حيث لم نرَ في وقتنا الحاضر فرض الهيمنة الفكرية عن طريق الحروب  وقد استبدل ذلك بترغيب الشعوب عن طريق الاعلام و شبكات التواصل بنشر الفكر الغربي على باقي دول العالم . بتجميل مبادئهم وافكارهم ونشرها على أن هذه المبادئ والأفكار هي السبب الوحيد للتقدم والتطور .

وبذلك وبحسب رأي قد أصبحت العولمة الثقافية اسهل بعض الشيء من التكاليف الهائلة في حال فرضها عن طرق الحروب و التدخلات العسكرية .

مع ملاحظة أن ما نراه حالياً من حروب وتدخلات عسكرية هي بسبب العولمة السياسية والاقتصادية وانما هنا نتحدث عن العولمة الثقافية فقط .


ومن جهة أخرى اعتقد بأن بعض البلدان النامية والعربية مازالت متمسكة بأفكارها وثقافتها ومثال على ذلك البلدان العربية التي مازالت تتبنى الأفكار الإسلامية والتي لا يمكن التخلي عنها مهما تم التسويق للفكر الغربي . وهذه يعني صعوبة تطبيق العولمة الثقافية على البلدان الغربية لنشر ثقافتهم المطلقة على باقي مجتمعات العالم .

وانما يتم نشر بعض من ثقافتهم التي قد تؤثر بعض الشيء على مبادئ هذه الدول كالأزياء و غيرها من الفكر الغربي بعيداً عن المعتقد الديني .


وفي الختام نرى أن نجاح أي دولة و تقدمها هو مقدار تمسكها بالعلم و واهتمامها فيه و التمسك بالمعتقدات الدينية وهي حجر الأساس لأي ثقافة .

فعلينا دائماً التشجيع و الحث على العلم والتقدم العلمي في بلادنا لنستطيع الازدهار والتقدم وتجنب جميع الضغوطات و الاغراءات الغربية التي تنشر أفكارهم دون تفنيدها و تبني ما يفيد فقط .

 

 

المراجع :

رخامنية , سعيدة . ( 2012 ) . العولمة وانعكاساتها على الهوية الثقافية العربية . جامعة محمد خيضر . تم الاسترجاع من الرابط :

https://platform.almanhal.com/Reader/Article/41274?search=%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%88%D9%84%D9%85%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9

 

عبد الرحمن , محمد . ( 2020 ) . حقيقة تغير لون مياه نهر دجلة بسبب إغراق الكتب يوم سقوط بغداد . موقع اليوم السابع . تم الاسترجاع من الرابط :

https://www.youm7.com/story/2020/2/10/%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82%D8%A9-%D8%AA%D8%BA%D9%8A%D8%B1-%D9%84%D9%88%D9%86-%D9%85%D9%8A%D8%A7%D9%87-%D9%86%D9%87%D8%B1-%D8%AF%D8%AC%D9%84%D8%A9-%D8%A8%D8%B3%D8%A8%D8%A8-%D8%A5%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A8-%D9%8A%D9%88%D9%85/4625843

 

 

جميل الحمو / 2023



الخلاصة :

تتناول النص ظاهرة العولمة الثقافية وتأثيرها على الهوية الثقافية العربية. يشير النص إلى أن العولمة تسعى إلى فرض ثقافة مهيمنة على العالم على حساب الثقافات الأخرى، مثلما حدث عندما دمر المغول مكتبة بغداد بهدف هدم الثقافة العربية الإسلامية وفرض ثقافتهم. يشير النص أيضًا إلى أن العولمة الثقافية تستخدم الآن أساليب الترغيب والاقناع بدلاً من الهيمنة العسكرية لنشر الثقافات. ويشير النص أيضًا إلى أن بعض البلدان النامية والعربية مازالت تتمسك بثقافتها ومعتقداتها، مما يجعل من الصعب تطبيق العولمة الثقافية عليها. يختتم النص بدعوة للتشجيع على العلم والتقدم العلمي لتجنب الضغوطات والاغراءات الغربية التي تنشر أفكارها دون تفنيدها.


Summary: The text discusses the phenomenon of cultural globalization and its impact on Arab cultural identity. It suggests that globalization seeks to impose a dominant culture on the world at the expense of other cultures, as seen when the Mongols destroyed the library of Baghdad in an attempt to dismantle Arab Islamic culture and impose their own culture. The text also mentions that cultural globalization now uses methods of persuasion and seduction instead of military domination to spread cultures. It also points out that some developing and Arab countries still hold onto their culture and beliefs, making it difficult to apply cultural globalization to them. The text concludes with a call to encourage education and scientific progress to avoid the pressures and temptations of Western ideas that are spread without being challenged.


تعليقات